قضية الخلية التجسسية هي ليست بالغريبة أو جديدة على الساحة وليست الأولى من نوعها وهي بطبيعة الحال تقف وراءها أهداف سياسية لا أمنية وإذا كانت الاستخبارات الإماراتية قد وقعت في فخ الجاسوسية واكتشاف عناصرها فهذا يعود إلى ضعف المؤسسة وضحالة تفكير القائمين عليها ووقوعهم تحت تأثير عقلية المخابرات المصرية التي تعيش هاجس الخطر المجاور نتيجة صراعها مع إسرائيل .
إن الأخطاء التي تكاد تكون بشكل دائمي لجهاز الاستخبارات الإماراتي تأتي من كون القائمين عليه محدودي التفكير ولا ينظرون أبعد من مقدمة أنوفهم و الغرور والشوفينية يفرضان أنفسهم على من يدير هذا الجهاز الحساس فلم يفكروا بأبعاد عمل استخباري مع دولة مجاورة وشقيقة وماذا سيحدث لو تم كشف مثل هذه العملية إضافة إلى إن هناك هدراً في طاقات يجب أن توظف بمسارها الصحيح وبدلاً من التوجه صوب عُمان و دق إسفين يشرخ العلاقات التاريخية بين البلدين ويجب علينا أن نتذكر جيداً إن الإمارات هي وليدة من رحم عمان ـ فبدلاً من توجيه الجهد ألاستخباري صوب عمان كان على الأجهزة الاستخبارية أن توظف جهودها وطاقاتها لمتابعة تطورات الوضع القائم مع إيران وتوخي الحيطة والحذر من أي تحرك قد يسبب كارثة على الصعيد الوطني إذا ما تغافلت الأجهزة الأمنية التي تعتمد بشكل أساس على معلومات أجهزة الاستخبارات.
فبينما تقوم دبلوماسيتنا بالتصعيد الإعلامي تجاه إيران تقوم أجهزة الدولة الاستخبارية بالتوجه جنوباً بدلاً أن تكون وجهتها شرقا وهذا يدل على وجود خلل كبير في اتجاه البوصلة لدى القيادة أو بالأحرى لا توجد هناك بوصلة تضبط اتجاه هذه الأجهزة وتتحكم بها وتلجم قيادتها عند الضرورة ، ومن الغرابة أن نقرأ ردوداً تشير إلى ما حدث إنه مجرد تصرفات فردية ، فهل يعقل أن يتم تجنيد خلايا تقوم بنقل معلومات حساسة عن دولة من دون أن تحاط القيادة بأي علم، أنه من السخف أن يبرر هذا الأمر على أنه تصرفات صغار ضباط الاستخبارات أو أنهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم وإن حصل فهذا دليل آخر على مدى هشاشة جهاز الاستخبارات وعدم وجود رؤيا واضحة لدى من يقوم بإدارة هذا الجهاز ...
قد يكون حصل ما حصل ولكن ما لم يحصل بعد سيكون أشد وتداعيات الموضوع ستجلب الكثير من الأمور التي لم تكن بالحسبان